صدرنا الواسع !

أسعد عبودتستطيع سورية أن تقول الكثير.. وقد يأتي يوم تفتح فيه ملفات, وتنشر أوارقاً, وتقدم بيانات توضح فيها الكثير من الخبايا, وتردّ على ما يثار حول أوضاع المنطقة ,و مايجري فيها.هو ليس الهدوء الذي يسبق العاصفة, فلا عواصف منتظرة, لأن برودة الأعصاب, وتسكين الأجواء من صفات الديبلوماسية السورية والعمل السياسي فيها. صدر واسع لايضيق ذرعاً, وصبر أيوب مهما تعددت الافتراءات.

هذه الديبلوماسية الهادئة تستثير الكثيرين الذين يستهدفونها بمحاولات الاستفزاز. كل يوم تقريباً .. كل يوم .. هناك من يستفز, وأدواته الإعلامية جاهزة, والغاية النهائية قلب الحقائق وتزويدها بانطباعات كاذبة, قبل أن تبدأ ساعة الحقيقة.‏

بين ادعاء كاذب وبيان ملفق, لابدّ من ضوء, ولو بمستوى شمعة, يكشف ادعاءات يحاول تعميمها كحقائق من يسعون لقيادة العالم, ليس بمنظار العين الواحدة, بل بمنظار مغلق تماماً مثل ذاك الذي استخدمه (بيريتس) وزير الحرب الإسرائيلي السابق.‏

عندما يقاد العالم بلا بصر ولا بصيرة.. بمنطق العداء والكراهية .. وتدبيج التهم وسوق الاكاذيب.. يكون الصبر و الأناة سيد الأحكام.. وفي إطاره يكفي لردّ بيان وزيرة خارجية الدولة العظمى (الولايات المتحدة) وماقالته في الكونغرس, سطران أو ثلاثة توضح الغاية والهدف مما يقال..وتوضح, وهذا أهم في رأينا,أننا لن نُستفز بهذه السهولة..تستطيع وزيرة الخارجية الأميركية أن تتجاوز على الحقيقة وأن تستبق أدوات العدالة, وأن تفبرك الادعاءات, مسيئة لموقعها و أهمية الدور الذي يجب أن يكون لها, وسيهتم إعلام قوي في العالم بما تقول..لكن..لن يصدقها الكثيرون,,أولاً لمخالفتها قواعد المنطق, وثانياً لتدخلها بشؤون بلدان أخرى..وثالثاً لأنها تتحدث عن سورية..فكلما ذكرت السياسة الأميركية الراهنة اسم هذا البلد كانت محاولة لتسويق كذبة أخرى, لتزييف الحقيقة..‏

لكن..‏

إذا كانت الاستفزازات المتواصلة من الأقربين, والادعاءات الباطلة التي يسوّقها إعلام ينطق بالعربية,لم تستفزنا,فمن باب أولى..أن تكتفي الخارجية السورية ببضعة أسطر رداً على الخارجية الأميركية,حيث وجب هناك الردّ..أما في الحالة العربية فلا نريدها حالة ردح وتبادل بيانات..و(قل لي لأقول لك).. لأننا معنيون بتنقية الأجواء العربية, وعلينا في رئاسة العمل العربي المشترك أن نتمتع فعلاً باتساع الصدر, وجميل الصبر..لنعبّد طريقاً أسهل للسير باتجاه هذا الهدف.‏

سورية في كل استراتيجياتها يلزمها التعاون والتضامن العربي..كانت في رئاسة القمة أم لم تكن..بل إن الاستراتيجية السورية في جانبها الأوضح هي التضامن العربي, وكل العرب يعرفون ذلك, ورئاسة العمل العربي المشترك بعد قمة دمشق هي وسيلة تدعم المسعى إلى هذه الاستراتيجية وليست سبباً فيها..‏

بصدر واسع سنتقبل كل شيء..‏

بروح مؤمنة سنبتعد عن أن نُستفز أو نَستفز..‏

ويقيني أن ليس ثمة متابع واحد لايعرف أن هذا الهدوء,وهذا التسامح والحلم هو سياسة متعمدة, ولاشيء آخر..هي بوابة صدورنا كي نتفاهم دائماً مع الأشقاء والأصدقاء, ولا ردّ على قول إلا بحدود لكل سؤال يابثينة جواب.‏