عيد الجلاء.. تجسيد لثقافة المقاومة والتحرير !

السابع عشر من نيسان,لا يؤرخ فقط لجلاء المستعمر الأجنبي عن أرض سورية, بل هوتاريخ مفصلي يؤرخ للثورات والمقاومات والتضحيات السورية في معارك العز والبطولة ضد المستعمر.

فجلاء هذا المستعمر عن سورية والتحرر من تحت نير الاستعمار, تم بفعل إرادة السوريين ومقاومتهم وبطولاتهم الكبيرة, ولم يتم بإرادة استعمارية طوعية كما هوحال دول عديدة تحررت بصكوك التراضي بينها وبين المستعمر.‏

ما يميز عيد الجلاء الذي تحتفل به سورية, أن المستعمر أجلي رغما عن إرادته, وأن السوريين تحرروا من الاستعمار ومن كل مفاعيل هذا الاستعمار وثقافته ولم يبق له أثر أوتركة ثقيلة, في حين أن بعض الدول , تحتفل باستقلالات مزيفة, إذ لا معنى لأي استقلال ولا لأي تحرر إن احتفظ المستعمر بنفوذه وتأثيره وفرض إرادته.‏

سورية استثناء, حقا إنها استثناء, فهي لا تحتفل بعيد الجلاء كمناسبة تطلق عبرها الخطابات والانشائيات, بل تحتفل به بوصفه عيدا قوميا يجسد معاني التضحية والنضال وإرادة التحرر والتحرير, كيف لا, وقد استطاعت سورية أن تخرج المستعمر ومعه ثقافاته الاستبدادية وممارساته السلبية التي تهدد وحدة المجتمعات بالتفسخ والانقسام.‏

وإذا كانت العديد من الدول, لسبب أو لآخر, تهمل تاريخها وتستهتر بتضحيات أبنائها ورجالاتها الذين بذلوا الدماء في سبيل الدفاع عن السيادة والكرامة, فان سورية, ورغم ما مر عليها من أهوال ومؤامرات وتحديات, ظلت أمينة على تاريخها الحضاري والإنساني والجهادي الممتد على مساحة زمنية عمرها آلاف السنين. فسورية التاريخ والحضارة, هي نفسها سورية الكرامة والممانعة والمقاومة. ولذلك, ليس غريبا عليها أن تجعل من عيد الجلاء, عيدا لقيم الحرية والنهوض والاستقرار والممانعة في مواجهة كل محاولات مصادرة الإرادة القومية والعربية.‏

إن سورية اليوم, بقيادتها الحكيمة وعلى رأسها الرئيس الدكتور بشار الأسد, وبشعبها المفولذ بإرادة الصمود والممانعة, من حقها أن تقطف ثمار تاريخها المجيد والناصع, وهي لذلك تبدورقما أصعب في المعادلتين العربية والدولية, وتأخذ على عاتقها التمسك بالحقوق القومية والعربية ولها وحدها شرف دعم ومؤازرة المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق, وهذا هوسبب الحملات والمؤامرات التي تتعرض لها من كل حدب وصوب.‏

سورية, و دون منازع, أثبتت أنها قلب العروبة الذي ينبض بالكرامة والعنفوان, فهي ليست قلعة ممانعة عربية وحسب بل هي قلعة مقاومة عربية بامتياز, وهي ولادة مسار عربي مقاوم من المحيط إلى الخليج, وهي أيضا, صمام أمان للوحدة والمستقبل العربيين, ولأنها كذلك, فعلى بعض الدول العربية التي غادرت ثقافة العروبة, أن تعود إلى عروبتها الحقة, وأن تقر لسورية بدورها وحضورها وما تقدمه في سبيل تحقيق التضامن العربي الذي يصب في المصلحة العربية المشتركة.‏

ليس مطلوبا من الدول المطواعة للإدارة الأميركية, سوى الخروج من دائرة الارتهان للسياسات الأميركية الاستعمارية التي تستبيح المنطقة العربية برمتها وتعمل على إخضاع شعوبها للمشيئة الاستعمارية وثقافات الاستعمار الهدامة.‏

عيد الجلاء الذي تحتفل به سورية, ننظر إليه نحن كمواطنين عرب, بأنه تجسيد لقيم العطاء والكفاح, و لثقافة التحرير والمقاومة, وترجمة فعلية لثقافة التضامن والوحدة العربية, وهذه هي طموحاتنا كمواطنين عرب, ولا بد أن تتغير قواعد اللعبة ونمسك بزمام المبادرة من أجل الوحدة والتضامن.‏

في مناسبة عيد الجلاء, تستحق سورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد وشعبها الأبي تحية كل مواطن عربي يؤمن بالعروبة الحقة.‏