هولوكوست غزة بعيون عمّان




 
 
رشا عبدالله سلامة
"محرقة وهولوكوست، هذا هو ما يجري في غزة"، بكلمات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يصف نضال أحمد الهجوم الإسرائيلي على غزة، والذي سقط خلاله أكثر من 90 شهيدا، أكثر من ثلثهم أطفال.
 
غزة ليست بعيدة عن عمان. في الساعات الأخيرة اقتربت المدينتان فالتصقتا، خيطان؛ دماء ودمع وحّدا المدينتين التي تعلقت إحداهما بالسماء وما تهبه من صواريخ وقذائف، فيما تسمرت عيون الثانية بشاشات الفضائيات وما تبثه من حقائق واقعة على الأرض لعملية عسكرية اسرائيلية بعنوان "الشتاء الحار".
 
"جنون لا يصدق. ما يحدث ليس طبيعياً على الإطلاق"، يقول الخمسيني العراقي مأمون عودة "كان رأس مال الفقير العربي كرامته، والآن لا كرامة ولا حياة كريمة في ظل ما يحدث في غزة".
 
عمر بسيسو (17 عاماً)، والذي تعود أصوله إلى مدينة غزة، بصوته المتهدّج يقول "أقصى ما بوسعنا عمله حالياً هو أن نستنكر ما يحصل".
 
ويلفت إلى أن "جمع التبرعات لأهلنا المنكوبين قد يساعدهم في شيء". الدموع تعود إلى عينيه وهو يؤكد "الديانات جميعها تحرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ، أما ما يقترفه الصهاينة فأقل ما يوصف به هو أنه كارثة إنسانية".
 
وعن أقاربه الرابضين في غزة، يقول "حياتهم غدت جحيماً بعد مسلسل الدم الذي يحيونه مع إسرائيل يومياً".
 
وكانت المجزرة الغزية وقعت بعد تهديدات إسرائيلية بإضرام "محرقة في غزة"، وكان أولمرت أعلن أمس أن إسرائيل لا تنوي وقف هجومها على قطاع غزة وستواصل ضرب المسلحين في القطاع، كما رفض الانتقادات التي تدين استخدامه المفرط للقوة.
 

 
 
ويقول عشريني، فضل عدم ذكر اسمه، "ما نريده ويريده كل العرب هو حل جذري لا يؤمن إلا بالتوحد العربي والمقاومة ببسالة".
 
الخمسينية أم علي استغربت الحديث الذي يدور عن القمة العربية في الوقت الذي تستثنى فيه غزة ووضعها، وتضيف "نريد ردة فعل حقيقية على ما يحصل. نريد أن تكون دماء الأطفال الرضع حاضرة طوال النقاش".
 
من جهته، يرى عبدالرحمن فيصل (29 عاماً) أن الحل الوحيد لهذه المعضلة الإنسانية هو "المعجزة الإلهية"، ويضيف "ليس لهؤلاء الأبرياء إلا الله ينجدهم مما هم رازحون تحته".
 
المعنى نفسه يستخدمه الثلاثيني المصري إسكندر "الحل بإيد ربنا بس.. مفيش حد حيقدر يعمل حاجة لغزة إلا ربنا".
 
وكذلك الحال مع أبو أحمد (30 عاماً) والذي يكتفي بقول "ما بقدر عليهم غير ربنا".
 
ويصف دنماركي، فضل عدم ذكر اسمه، ما يحدث في القطاع بـ"الكارثة بكل ما في الكلمة من معنى"، مردفاً "يحدث ذلك على مدار السنوات، وما يبدو هو أن لا حل قريبا في طريقه نحو النور". غير أنه يضيف "على الطرفين التنازل والجلوس معاً لإنهاء دوامة العنف هذه".
 
ويشخص وضع الطرفين، قائلاً "للفلسطينيين حقوق كثيرة، ولكن عليهم التفكير الواقعي في الحل. كما على الإسرائيليين التوقف عن هذا الإفراط البالغ في استخدام القوة مهما كانت الذرائع".
 
ولكن أبو طارق (40 عاماً) لا يبالي كثيرا بهذا النوع من الكلام، فهو يرى أن "محاولات السلام عقيمة". ويتساءل: "على ماذا يتودد الطرفان ويتعانقان بينما يبتسمان للمصورين؟ ما دام ليس في وسعهما إيقاف شلال الدم!".
 
وينتقد أبو طارق من يفصل في قوله وتصوره حالياً بين فتح وحماس، "المشكلة أكبر وأعمق. الكل في المحصلة فلسطيني، والضحية واحدة".
 
ولم تكن مجزرة غزة هي اليتيمة في ملف العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني منذ العام 1948، فمن مجزرة قبية إلى دير ياسين إلى خان يونس إلى صبرا وشاتيلا إلى مجزرة الأقصى وحي الدرج والشيخ رضوان، مروراً ببيت حانون والحرم الإبراهيمي وسعسع واللجون وأبو شوشة والطنطورة وبيت دراس والدوايمة واللد وقلقيلية وكفر قاسم وعيون قارة وحي الدرج وبني نعيم والشجاعية وبيت لاهيا، وغيرها كثير مما التقطته ومما لم تلتقطه عدسات المصورين وأقلام المراسلين وكاميراتهم، لتصوغ بدماء الأبرياء قصة شعب وقع عليه أبشع احتلال عرفته الإنسانية.