غزة تغرق بالدماء وفصائلنا والقيادات غارقة في المناكفات


 
  
حكومة أولمرت كانت مهددة بالانهيار في أعقاب تقرير فينوغراد، ولم ينقذها من هذا الانهيار سوى تمسك وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود براك بمنصب وزير الدفاع الذي يتطلع لهذا المنصب كمدخل لرئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة، فهو يريد متسع من الوقت في هذا المنصب ليعمده بالمزيد من الدماء الفلسطينية لتكون عنواناً لدعايته الانتخابية، وليسجل بها نصراً سياسياً وعسكرياً بعد هزيمة أولمرت في حرب تموز 2006 على لبنان.
 
ومع اشتداد الهجمة الإسرائيلية على قطاع غزة وارتفاع منسوب الدماء الفلسطينية المسفوكة في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص تناست كل الأحزاب الإسرائيلية خلافاتها، تناستها وتكتلت من خلف حكومة أولمرت مطالبة بالمزيد من القتل وسفك الدماء الفلسطينية، فهناك من هدد "بمحرقة" ضد قطاع غزة مثل متان فلنائي نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، وهناك من دعا لمحو كافة المقار الحكومية في قطاع غزة عن وجه الأرض وهو افيغدور ليبرمان، صاحب فكرة قصف المجمعات التجارية الفلسطينية على رؤوس من فيها في السنوات الأولى للانتفاضة الثانية.
 
أما نحن الفلسطينيين فأمرنا أشد من الغرابة نفسها، فمع اشتداد الهجمة الإسرائيلية تعلوا أصواتنا مناشدةً الأمتين العربية والإسلامية بالوقوف معنا للمساهمة في صد العدوان ووقفه، نناشد العرب والمسلمين بالتوحد من خلف قضيتنا ونحن نرفض الوحدة والتوافق في أصعب الظروف وأحلك اللحظات، ونضع الشروط والمعيقات لحوار داخلي كي ينهض بنا من الهوة السحيقة التي انحدرنا إليها، فمع كل طلقة أو صاروخ يطلقه الاحتلال على رؤوسنا يحتدم الجدل بيننا عن سبب العدوان الإسرائيلي، فحماس تتهم الرئيس عباس وحكومته بالتحريض على قطاع غزة، والرئيس عباس وبعض وزراء حكومته يتهمون حماس وصواريخ المقاومة بأنها تجلب ردة فعل الاحتلال ليقوم بهذه المجازر، متناسين أن الاحتلال كان ولا يزال وسيبقى سبب مأساتنا التي بدأت منذ ستون عاماً ولم تنتهي بعد، وبين هذه التصريحات وتلك يستمر الاحتلال الإسرائيلي في جرائمه ومجازره ضد أهلنا في قطاع غزة.
 
فعلى ماذا الخلاف أيها القادة؟، على القضية، أم على السلطة وسطوتها وبريقها؟، فإن كان خلافكم على القضية فهي ضاعت تحت أقدامكم منذ اللحظة الأولى للاقتتال الداخلي، وكلكم دون استثناء خنتم دماء الشهداء وألم الأسرى وآهات الجرحى ودموع الأيتام والأرامل، وإن كنتم تتقاتلون على السلطة وسطوتها وامتيازاتها، فهي ليست لكم، فالكلمة الأولى والأخيرة في هذا المجال لقوات الاحتلال على الحواجز والمعابر وفي الجو والبحر، وحتى داخل غرف نومكم.
 
ففي اليوم الذي سقط فيه أكثر من ستون شهيداً غالبيتهم من الأطفال كنا ننتظر أن يكون هذا اليوم نقطة تحول في واقعنا المر والمؤلم، ولكن أحاديث الساسة وأبواقهم لم تتغير ولم تتبدل، فالكل منهم تمترس من خلف حفنة من الميكرفونات ليتهم الطرف الآخر بشتى بأنواع التهم، أقلها الكذب وأكثرها الخيانة، وفي معرض تبادل هذه الاتهامات كان يعبر كل طرف منهم عن "ألمه الكبير" على دماء الشهداء وأوجاع الجرحى.
وكلمتنا الأخيرة لكم أيها المتنازعون على سلطة لا وجود لها على الأرض، وعلى مناصب وزراية ومسميات قيادية فارغة المحتوى والمضمون، أن اتركوا هذه السلطة الشكلية وأعيدوا الأمر للشارع الفلسطيني ليقول كلمته الأخيرة، فما دمتم لا تستطيعون تأمين حبة الدواء، ولا كيس الحليب ولا المحروقات، ولا تستطيعون وقف آلة القتل الصهيونية من أن تفتك بنا وبأطفالنا ليل نهار فنحن لسنا بحاجتكم.