صواريخ الاباتشي والبرغماتية العباسية



 
 
غزة تدك بصواريخ طائرات الاباتشي في الوقت الذي لا زال فيه عباس يناور باتجاه كسب المزيد من البرغماتية الشخصية بغية التملص من صراعاته المكبوته التي تعنون تقصيره في قيادة ادارة الرئاسة الفلسطينية بيد انه تنقل منذ اوسلو وحتى انابوليس بحقيبة فارغة دون اوراق تفاوضية، كانت المعادلة الموضوعية ازاء ذلك بما يشهده شعب غزة من صهيونية فاقت نازية الهولوكوست نفسها.
ففي خبر بثه التلفزيون الفلسطيني والقاضي بتوجه جموع الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية للتبرع بالدم لضحايا الحرب الصهيونية على قطاع غزة، بدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في احدى المستشفيات فيما هو يتبرع بالدم، وكأن به يريد ان يثبت للعالم انه يشارك شعبه بدمه. قد تكون هذه الطريقة اليتيمة امام عباس ان يثبت لنفسه انه في حلقة تشاركية مع شعبه في نهر الدماء وفيما يتعرض له من ابادة علنية تحت انظار المجتمع الدولي والشرعية الدولية.
     وليس بعيدا عن اخطبوط ابو مازن في التفرد على المفاصل القيادية للقرار الفلسطيني وبما يكتنفه من تكتيك أودى بتسيد القرار الصهيوني على طاولات المفاوضات والمؤتمرات، خرجت علينا عبر أقنية الفضائيات والمنابر الاعلامية أصوات وجدت فرصتها لتنفيذ ابجديات الاجندة والبربوجاندا الامريكوصهيونية امام هدف اوحد يفضي الى ضرورة تقويض دور حركة المقاومة الفلسطينية حماس في النضال في مسار يدعم القرار الامبريالي في وضعها على قائمة الارهاب.
كما جهد الرئيس ابومازن، وكذلك جهدت تلك الاصوات أن تدعم مهمتها البربوجاندية نحو تحجيم دور حماس ونسف منجزها السياسي والمقاومي، فكانت ان حملّتها تداعيات قصف غزة، وقبلا حملّتها الاوضاع المعيشية المتردية والبائسة مذ حكومة حماس المنتخبة المقالة.
   ليس دفاعا عن حماس وليس تشدقا عن ماهية ذلك التنظيم الذي حملّه وزير الاعلام الفلسطيني رياض المالكي مسؤولية ما يحدث في غزة ولم يخجل على الرغم من استمرار مجازر القتل الدموية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيونية في قطاع غزة، وارتفاع عدد الشهداء إلى أكثر من 113 شهيداً الى التصريح بأن حماس وفرت المبررات لاسرائيل من اجل ارتكاب مجازرها متناسيا المالكي بأن البطش والقصف الصهيوني للقطاع ولمدن الضفة مستمرا منذ بدايات تاريخ القضية لما قبل عام 1948.
   حماس تناضل من أجل القضية والارض ودحر الاحتلال قبلا، ولعله لأول مرة في التاريخ السياسي يحدث ان يجابه شعب عدوا مزدوجا، فقد تعامت الانظمة الدولية والعربية وقبلها الفصائل الفلسطينية المناوئة لحماس من أن الدولة الصهيونية الاسرائيلية هي العدو والمحتل في آن، وأن حماس انما تنتهج العمل المقاومي والكفاح المسلح بهدف عقائدي يمليه الدين الاسلامي لتحرير المقدسات الاسلامية من الدنس الصهيوني، هي حرب تحرير و ثورة و انتفاضة، لتستحيل القضية الفلسطينية وسط تلك التناغمات والتنافرات الى قضية ذات بنود هامشية، فقد تحول اهم بنود القضية الاساسية والمتمثل بحق العودة الى قضية تعويضات وذلك بدا واضحا تبعا للتطورات الاخيرة لتتصريحات الادارة الاميركية خلال زيارة الرئيس بوش للمنطقة التي طالبت بايجاد حلول وتسويات تصب في خانة تعويض اللاجئين، فيما تحول الواقع السياسي برمته باقامة دولة و حق تقرير مصير وسيادة، الى الحديث حول علاقات اجتماعية حياتية، وعن التعايش مع محتل تحت بطش صواريخه ومتانة جدار الفصل العنصري الذي يلتف حول رقاب الشعب الفلسطيني بعد ان سرق الجدار كامل الاراضي الفلسطينية، الى عجز الرئاسة الفلسطينية عن إسقاط هذا الجدار أو وقف التدهور في الظروف الأمنية والإقتصادية في الضفة والقطاع.
 ان الأجندة المطروحة والقائلة بأن حماس حركة ارهابية لا يمكن الاعتراف بها ، مع ما يرافق ذلك من الجهود السافرة للرئيس ابو مازن وثلته من حكومة سلام فياض من تبنيها، فان اي عاقل سيتفق على انها معادلة هشة سترد الى النحر الايركي والصهيوني، بيد انه لم يعد خافيا على احد من ان ما يجري في المنطقة بكاملها من حشد البوارج الامريكية على الساحل اللبناني وفي مقدتها المدمرة "كول"، و "روس" و"بالكي" وسفينة الانزال "ناسو"، بالتزامن مع الاعداد السوري لمؤتمر القمة المرتقب آواخر الشهر الحالي، فانما هي رسالة واضحة المعالم باتجاه مخطط يقصد به تفريغ الاراضي الفلسطينية بما فيها قطاع غزة من الشعب الفلسطيني باتجاه الدولة الاسرائيلة القومية اليهودية، وهذا ما وعته حماس ولا زالت تقاوم بموجبه.