النازيون الجدد..


ستون عاما , عمر النكبة العربية في فلسطين , والحركة الصهيونية ومشروعها السياسي الذي صار اسمه إسرائيل, تبتز العالم ب المحرقة أو الهولوكوست, التي تعتبرها حدثا فريدا

لا يمكن مقارنته بأي جريمة في التاريخ. والمحرقة التي احتكرها الصهاينة ك مصطلح لا يجوز لغير اليهود استعماله أو إطلاقه على حادثة مأساوية ألمت بهم ,‏

تشير إلى عدد الذين قتلوا من اليهود إبان الحرب العالمية الثانية, إن كانوا في المعارك التي وقعت داخل الأراضي الألمانية أوعلى حدود الدول المتحاربة, فهؤلاء لم ُيقتلوا لأنهم يهود وإنما لأنهم مواطنون في تلك الدول ويقيمون في مناطق الصراع . وبالتالي فإنه لا ينبغي النظر إلى هؤلاء باعتبارهم من ضحايا المحرقة. فالمحرقة إذاً تُعنى بأولئك الذين قتلوا على يد النازي في ألمانيا أو في معسكرات الاعتقال إن في ألمانيا أو النمسا, وقد كانتا دولة واحدة.‏

وإذ نضع هذا التفريق بين يدي القاريء , فإن الحديث عن المحرقة يجب تركه للأوروبيين, كما يرى المفكر العربي الفلسطيني الدكتور عزمي بشارة في حديث مع قناة الجزيرة(الأول من آذار2008) إذ ليس لنا نحن العرب مصلحة في تبرئة أوروبا من المحرقة, وهي صانعة الجمر الذي اكتوينا به نحن الفلسطينيين خاصة والعرب في بلاد الشام عامة, لا بل أحرقنا وهجر الديار من لهيبه ليس أقل من 750 ألف فلسطيني هم الذين باتوا يعرفون الآن باللاجئين. وصاروا في آن معا أحد وجهي المسألة الشرقية فيما وجهها الثاني هو الكيان الصهيوني.‏

ومن مسوغات هذا التفريق هو أن الكارثة التي تنزلها إسرائيل والحركة الصهيونية بالشعب الفلسطيني هي القضية حاليا, وأوروبا متواطئة , لم تكن بريئة في الماضي , وليست بريئة الآن. خاصة وهي التي قذفت بكل فقراء اليهود إلى المشرق العربي لتتخلص البرجوازية اليهودية منهم , حفاظا على مصالحها , وللتخلص من شخصية اليهودي المركبةأو كما يصفها الباحثون في علم النفس السياسي, من الإسرائيليين, بأنها معقدة. ولفهم هذه الشخصية كان لابد من التفريق بين اليهود وغير اليهود الذين يسمون ب الأغيار. وهو(أي التفريق) الحامل الذي أشعر اليهود بالدونية, وأقام عليه تيودور هيرتسل بحثه في النفسية القومية فكتب يوم 22 تموز 1895 في يومياته إن اليهود شعب محتقر تواقون للإحساس بالشرف والكرامة. ومن يستطيع تعبئتهم تحت هذا الشعار يمكن أن يقودهم( السيد يسين/الاعتراف المنتزع والتطبيع المفروض/ الاتحاد 16/12/2007 ). وإذا كان الدور الوظيفي الذي لعبه اليهود في أوروبا وغيرها, ما جعل شخصية شايلوك في تاجر البندقية نموذجا يبعث الكراهية في النفوس, عاملا نفسيا أنبت الكراهية التي بنيت عليها فكرة المحرقة , وعليه فلو لم تكن المحرقة موجودة لكان على اليهود اختراعها لتكون الأسطورة التي توحّد, على ما ذهب إليه المؤرخ اليهودي الإسرائيلي شلومو زند في كتابه متى وكيف تم اختراع الشعب اليهودي?, ناهيك عن أن اليهود أشد الناس حاجة للأساطير من غيرهم لكثرة ما مر بهم من مشقات كانت الأساطير فيها عزاءهم. ولذلك فإذا تحدث اليهود عن المحرقة أقاموا لها مع البطولة علاقة.‏

لم تكن أصابع الصهيونية بعيدة عن المحرقة, أو عن التواطؤ الغربي فيها. وإلا كيف نفهم القول لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت لدى زيارته ألمانيا الشهر الماضي لقد زودناكم ب 150 ألفا من اليهود لتقيموا على أكتافهم دولة إسرائيل?‏

لقد كان الجنرال في الاحتياط متان فلنائي, نائب وزير الدفاع الإسرائيلي أول من خرق المحرمات ( التابو) الصهيونية, حين هدد الفلسطينيين بالشيّ (بالحرق) ردا على استمرار رشقاتهم الصاروخية. وقال لإذاعة الجيش كلما اشتدت الهجمات بصواريخ القسام وزاد المدى الذي تصل إليه عرّض الفلسطينيون أنفسهم ل }شواء{ أشد لأننا سنستخدم كل قوتنا للدفاع عن أنفسنا. الشيّ والشواء والحرق والمحرقة مصطلحات استخدامها حكر على اليهود فقط. وإذا كان لابد لغير اليهود استخدامها فليكن المصطلح مرادفا في المعنى لا في المبنى كأن يقولوا ما قاله نورمان فنكلشتاين في سياق حديثه عن الهولوكوست لدى زيارته بيروت مطلع العام الجاري إن ما تعرض له الفلسطينيون على يد الإسرائيليين هو نوع من الهولوكوست أو كما قال البروفيسور باروخ كيمرلينغ في كتابه ( التصفية) إنهم يتعرضون إلى تطهير عرقي أو تصفية سياسية‏