بين د.فيصل القاسم وليلى الشيخلي .


 
 
يتفق متابع فضائية الجزيرة على النهج الواضح والذي بدت بترسيخه في الاونة الاخيرة، والذي يشير الى تحولها الى لسان حال الشارع العربي دون مواربة أو التفاف.
أجادت الاعلامية ليلى الشيخلي في تقديمها لحلقة مساء الثلاثاء من هذا الاسبوع في معرض تناولها لما نشرته مجلة "فانيتي فاير " في كشفها لخطة اميريكية بالتعاون مع محمد دحلان في الاطاحة بحركة حماس، تحدثت الشيخلي في معرض ادارتها للحلقة التي شارك بها د.منذر سليمان، واحد خبراء السياسة الاميركية (العتاولة) الذي أخفق اكثر من مرة في نفيه لما جاء في تقرير فانيتي فاير، ازاء ما قال به د.سليمان من تأكيد لمصداقية المجلة وتقريرها.
أجادت وأبدعت الشيخلي في اقتناص محاورها الخبير الامريكي عندما بادرته بقولها، بانه على الرغم من جهود الادارة الامريكية ضد وجود حماس، الا ان حماس لم (تتبخر) وهل لا زال الرئيس بوش يناور على اسقاطها فيما تبقى له من وقت في البيت الابيض. ختمت الشيخلي حلقة ما وراء الخبر بعد أن ضربت بمهنيتها عرض حائط السياسة الامريكية الاعلامية في التلقيم والتلقين.
 
ومثلها ابدع د.فيصل القاسم في حلقة ثلاثاء هذا الاسبوع التي تناولت الحريات الديمقراطية الغربية والرسوم المسيئة للرسول محمد عليه افضل الصلاة والسلام، وكان ان استضاف رئيس تحرير سلسلة "استراتيجيات" القاهرية طلعت رميح، والدكتورة وفاء سلطان الكاتبة وطبيبة الأمراض النفسية والعقلية الاميريكية/ من اصل سوري.
ابتدأها القاسم بسؤال الدكتورة سلطان عن موقفها الذي اعتلت فيه منبر البرلمان الدنماركي وسؤالها ان كانت لم تخجل من تشدقها بما قالت به من مؤازرة وتشجيع لنشر الرسوم، الا ان السؤال لم يصل الدكتورة لخطأ تقني، كانت ان أجابت عليه دون ان تسمعه لتعترف بوقاحة صرفة بما فعلت.
القاسم ادار مجريات الحلقة بمنهجية ومهنية اعلامية كان من شأنها ان حسمت اي خلاف حول موضوعيته تجاه القضايا التي يتم تناولها في برنامجه، وكان على وعي واضح بالجو العام للرأي العام الدولي والعربي الاسلامي منه، بيد انه كان واضحا للقاسم مما تمسه الاساءة من موروث ديني وعقائدي لمسلمي العالم، وأن الخلاف لا علاقة له بالحريات بقدر هدفه من نول وتقويض الهوية العربية الاسلامية.
 
   الدكتورة وفاء سلطان كان الاجدى بها ان تشكك او ان تنتقد كيف تشاء آلية تطبيق العقيدة الاسلامية وتسليط الضوء على المتغيرات التي رافقت تمحور الاسلام وتموضعه وفق اختلافات جوهرية عن صلب العقيدة، كان لها ان تنتقد بمنهجية وعلم، لكنها راحت تتخبط فيما تقوله وانتهجت مقولة (سكت دهرا ونطق كفرا) وكان ان ختم رميح حلقة النقاش بتعليق عفوي لكنه لخص ما تقول به سلطان حيث قال "انها تهلوس، هذه هلوسة".
 
   فيصل القاسم يعرف اكثر من مشاهديه من هي وفاء سلطان، فكان في حواره معها ممسكا بلجامها ولم يدع حبل راديكاليتها على غاربها الشخصي، فكان أن قلب مخططها في تنفيذ واشهار املاءات من يقفون معها وورائها، وفات الفوت حينذاك ولم ينفعها الصوت.
 
   الدكتورة وفاء سلطان كان لها ان انتقدت مرارا وتكرارا العقيدة والتعاليم الاسلامية، بطريقة لا تمت بصلة لأساسيات النقد الموضوعي، بل عمدت الى تغذية مرجعياتها الفكرية عن الاسلام اثر حادثة اغتيال الدكتور الجامعي البرفيسور يوسف اليوسف على ايدي متطرفين، اولئك المتطرفون الذين لم يعرف حتى اللحظة ماهيتهم العقائدية والايدلوجية. وسبق لها لقاءات تلفزيونية اكثر من مرة في حوارات ساخنة، كان احدها قد جمع بينها ومتحدثين آخرين, أحدهما مصري والآخر جزائري, كلاهما متطرف ومتشدد, كان اثر ذلك اللقاء ان راح البعض لوصفه بانه نقطة البداية لصلافة الدكتورة سلطان في معرض هجوميتها وعدائها للاسلام، وغدت بامتياز محور الشر بعينه تجاه من يؤمنون بالاسلام كمنهج عقائدي وسطي، هالهم ان يستغل امثالها ما منحته إياهاهم ديمقراطية الغرب من حريات "مدسوسة" كحق يراد به باطل!!
 
   ما يدفعنا لرفض فكر د.سللطان انها محض أداة ، ولن نشفق عليها ان كانت لا تعلم انها كذلك، وان كانت تعلم فتلك مصيبة أعظم، وان كنا قد نتفق معها بخيط واه، لكنه حقيقة خيط موجود يشير الى تعثر مسيرة الاصلاح والتنوير في عالمنا الاسلامي تحت مبررات يؤلمنا بانها ليست لصالحنا وليس لصالح الاسلام في حقيقتها، فليس حال التشرذم المخيم على شارعنا العربي والاسلامي يبشر بخير او ما من شأنه ان يبلور تحد ماكن لاستهداف مرجعيات وثوابت العقيدة الاسلامية بل وثوابت الشرائع السماوية والديانات السماوية الاخرى.
نحن أمام غول عصري ترافقه آلة معولمة تكاد تهرس اخضر الاسلام وقبله اي وميض قد يتفق عليه العلمانيون التنويريون "الحقيقيون" الذين يرومون وحدة الانسان اينما كان غير متنصل من دينه او عقيدته في مسار نحو حداثوية لا تلغي القديم بخصبه او الحاضر بانجازه، ليأخذ الانسان العربي مكانته في المشهدية الحداثية في الحضارة الإنسانية العالمية.