الى ابن الناصرة نبيل عوده : ليس بالشيوعية وحدها يحيا الانسان



 
بقلم : وليد رباح
فكما انه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ..فانه ليس بالشيوعية وحدها يحيا الانسان .. الانسان مادة والشيوعية فكر .. وبين الفكر والمادة يعطيك الخبز دما للحياة .. ويعطيك الفكر حياة لدمائك .. وبينهما صنوف من العذاب والتعذيب والمعاناة الانسانية التي لا تطيقها حتى الحيوانات.. لكنها في عرف الشيوعيين مرحلة مررها التاريخ واعتبر الخطأ فيها فرديا لا يجوز الاعتداد به .. وفي الوقت الذي يبرر فيه الشيوعيون اخطاء ستالين مثلا .. وذبحه وسلخه ونفيه واستعباده لمعارضيه .. فانهم لا يغفرون اخطاء حماس او حزب الله .. وكأنى بستالين ولد من رحم امه نبيا .. واولئك الاخرون ولدوا من است امرأة عاقر .. واعذروني لاني لا اعرف جمع است .. وهي كلمة ليست قبيحة .. بدليل وجودها في جسم الانسان فلا يجوز تجاهلها ..
لقد استفزني نبيل عوده الى ابعد حدود الاستفزاز في مقالته الاخيرة ( هذا النصر شر من هزيمة ) وانا الكاتب الذي ما فتئت يوما في نشر مقالاته على اعتبار انه مفكر حر .. وما زلت اعتقده .. رغم السقطة الفظيعة التي سقط فيها في مقالته .. وكأنى به مدرس هذه الامة التي رأت في موتها دروسا لنبيل عوده وغيره ممن يؤمنون باحناء رؤوسهم للعاصفة رغم قوتها .. وأنا ايضا .. الكاتب الذي يكره بعض الكلمات في اللغة العربية مثل مسلم سني او شيعي او مسيحي او يهودي او شيوعي او اخوان مسلمين او تحريريون او حتى بوذيون .. فانا ضد تسميات درجت كل فئة مخترعة لها على تنظيفها من كل سوء .. وايقاع الضرر بالاخر من خلال فكر سيطر عليه الجهل واستعبدته الجينات الانسانية ( المعلبة) . لكنني مع كل ذلك انغرس في العقل الباطن لمن يكتب تلك الكلمات لاكتشف المترسبات التي تجبره على ذكرها او الاعتداد بها .. او حتى الاستئناس فيها .
ومع اني لا اؤمن بالافكار الحزبية التي نستوردها جميعا لاني اعتقد بان معتنقيها قاصرون وافكارهم محدودة الاستيعاب لانهم لم يستطيعوا الاتيان باحسن منها محليا .. فاني لا اخطىء من يرى فيها بعض الحسنات .. فالشيوعية منذ انتشارها في الوطن العربي لم اسمع باحد من معتنقيها قد نادى بحمل السلاح دفاعا عن وطنه او نفسه او عائلته وانما هم ودعنا نقول معظمهم ( كلمنجية) فقط .. وشهداؤهم قد ماتوا ( بالصدفة).. مثل من يركب عجلة غير آلية ويصعد طريقا صعبا فيضطر للتشبث بحافلة آلية صاعدة لكي توصله الى مبتغاه .. وتماما مثل بعض المسلمين الذين ينادون باقامة دولة اسلامية بدماء المسلمين الذين ليسوا من اعضاء جماعتهم .. فهم ليسوا على استعداد للقتال ولكنهم يشجعون عليه .. وهؤلاء واولئك لا يختلفون كثيرا في طرحهم .. فهم يؤمنون بما قاله بنو اسرائيل لنبيهم : اذهب انت وربك فقاتلا اننا ههنا قاعدون .. وعند النصر يتصدرون الخطابات على المنابر ليعلنوا بيعتهم للمنتصر، او اعلانهم انهم اولى بالحكم من غيرهم .. تماما كما يفعل نبيل عوده رغم نفيه لذلك .. واني لاعتقد ان كلمة ( النصر الالهي ) التي ترد كثيرا في مقالات وكلمات الاستاذ نبيل اصبحت ممجوجة الى درجة مقززة .. فهو يستخدمها في غير معناها السامي .. والا .. لماذا يجيز نبيل عوده هجوم البروليتاريا (الرثة) كما يسمونها عوجا على جيش روسيا القيصرية وموت الالاف منهم في سبيل اقامة دولة الاتحاد السوفياتي التي ذكرها التاريخ لفترة زمنية في عمر الشعوب قصيره .. ثم دالت بفعل الظلم والدكتاتورية وابتلاع حقوق الانسان وقرب التاريخ ان ينساها .. وما زال نبيل عود متمسك بها وكأنى به يريد ان يحج في الوقت الذي فيه الناس عائدون من الحج ..و كأنما أيضا يقول للسيدة والدته اعيديني الى بطنك بعد كل هذا العمر لاني لا اطيق حياة ليس فيها فكر شيوعي (حر) .. او كما قال .. ثم ينكر هذا (الفضل) على شعب اراد القتال حتى لو فني عن آخره في سبيل اقامة العدل واحقاق الحق وطرد المحتل .. ولماذا لم يقل نبيل لتلك البروليتاريا ( الرثة ) مع انها ليست كذلك .. انكم تموتون بالمجان .. ام لانهم انتصروا فقد انضم اليهم بكليته ..
هذا السقوط الذي مارسه نبيل عوده طوعا دون ان يهتز له جفن مدعيا ان الهزيمة التي حاقت بالناس كانت نتيجة ضحالة في الرؤية .. والتمسك ب ( النصر الالهي) هكذا ببساطة يحمل المسئولية بكاملها للمسلمين دون ان يسميهم .. وكأنى باكثر من خمسين عاما من اعتناقه الشيوعية لم تنسه ما ترسب في داخله من تأييد ابناء جلدته من الصليبيين الذين اجتاحوا الوطن العربي وقام ابناء هذا الوطن بمساعدة ابنائه من الاديان الاخرى بطردهم منه شر طرده .. ففي داخله لم يزل بؤس لا يستطيع التخلص منه رغم انه تعلم ان من اولى مبادىء الشيوعية ان يكون الدين افيون الشعوب .. اذا كان الامر ليس كذلك فلماذا يهاجم ايران وهي دولة مسلمه .. وحزب الله وهو يعتنق الاسلام .. وحماس وتوجهاتها اسلامية .. وسوريا وهي دولة اسلامية ايضا .. ولماذا يتجه نحو تخطيىء حزب الله في لبنان ويقف متراصا مع افكار اناس شوفينيين قاموا بعمليات تصفية مريعة ابان الحرب اللبنانية الاهلية .. افي هذا معنى غير ما ذكرت .. أم ان عقله الباطن يكشف اليوم عما يعانيه من تأزم رغم معرفته ان هناك الكثير ممن يعتنقون المسيحية حتى واليهودية يقفون الى جانب الحق الفلسطيني .. ويؤيدون مقاومتهم رغم الدماء التي تسيل منهم مدرارا .. لكن نبيل يقف الى جانب الجدار ويصرخ بذلك الحق دون ان يرتفع صوته خشية ان يسمعه المتنفذون في جهاز الحكم الاسرائيلي فيأخذون عليه عدم وفائه ( للدولة) التي وهبته ( الحياة ) واعطته( الديمقراطية) التي يتمناها .. وليذهب بعدها كل شىء الى الجحيم ولذلك ايضا .. فانك ترى وتسمع وتقرأ ان الاستاذ نبيل يكثف هجومه باستمرار على القومية العربية ودعاتها وكأنما هو مرسل من عند ( لينين) وموكل بهذا الامر تخصيصا لان القومية نقيض للاممية .. وحتما فبعض كتابات الاستاذ نبيل فيها من الصحة شيئا .. ولكن اخطاء القومية التي ينقدها دائما .. لا تساوي جناح بعوضة الى جانب الاخطاء ( الاممية) التي ارتكبها حكام سوفيتيون جعلوا فيها الانسان حيوانا يجر الى المسالخ دون ان يتفوه بكلمة او بنأمة خشية على نظامهم الهش الذي دال بالضربة القاضية من اول لكمة مؤثرة .. أو اخطاء ( الديمقراطية ) الامريكية التي تقتل الناس بالجملة بحجة او باخرى .. ومع كل ذلك فما زال السيد نبيل يعتقد أنها اخطاء فردية فيعتنقها طوعا او كرها او تحصيل حاصل او ترسبا عقليا باطنيا او عدم اعتراف بالخطأ الذي يتبناه .. مما يدل على انه يقوم باقتراف الاخطاء التي ينقدها في غيره ..
لقد هاجم السيد نبيل عوده تشبث حماس بالمقاومة ضد اسرائيل المدججة بالسلاح ونعى دماء الناس التي اهدرت من قبل الجيش الاسرائيلي .. وبدلا من ان يقف نبيل الى جانب الضحية فقد وقف الى جانب القاتل .. وكأنه يريد ان يقنعنا ان الجيش الاسرائيلي بحاجة الى مبرر لكي يقتل .. هل كان الناس في قبية او دير ياسين او نحالين او كافة المذابح التي ارتكبت يمتلكون الصواريخ والسلاح لكي يقوم الجيش الاسرائيلي بالانتقام ممن لا يمتلكون حتى سكاكين المطابخ .. وهل يظن السيد نبيل انه يقنعنا بحديثه الذي يشبه احاديث الخرفين عندما تقول لاحدهم ان يحضر لك مثلا فنجانا من القهوة فيقوم بمناولتك الحذاء الذي يقبع على عتبة الدار .. ومن العجيب ان نبيل قد قام بافراغ جزء من عقله باتجاه حزب الله وسوريا وايران ممجدا الذين ذبحوا الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا .. ممن يريدون للبنان ان يكون جنة الدنيا في نظر السيد نبيل .. ثم يأسف وكانه يريد ان يقول لنا .. عندما يهاجمك العدو فناوله السكين الذين سيذبحك به .. لان ذلك يعني موتا مريحا جميلا لا يعاني فيه الانسان نتيجة المقاومة ..
ولمعلومات السيد نبيل .. فاننا واعني كاتب هذه الكلمة لا يؤيد اسلمة المقاومة .. ولا يؤيد علمنتها ايضا .. ولكنه يؤيد مرحلة التحرر الوطني التي يمكن ان تندمج فيها حتى مع القرود في سبيل ان يتحرر الوطن من الاحتلال الذي يقبع على صدره .. فما قامت به حماس من انقلاب في غزة مرفوض جملة وتفصيلا .. لكن حماس تظل شعلة من هذا الشعب الذي ما ارتضى لنفسه ان يكون مطية لمن يحتل ارضه وينتهك عرضه ..
يا اخي نبيل .. واضح انك تريد برمجة عقول الناس على انك صائب فيما تقول .. وانك تؤيد القاتل وتشتم الضحية .. وانك بسم الله ما شاء الله مفكر في هذه الامة .. ولكني اقول لك شيئا ربما كان نافعا لك .. اذا اراد الناس ان يموتوا في سبيل قضية فدعهم يموتون .. لم يعينك احد محام عن مخاطر موتهم .. فاني اعتقد انهم لا يعنونك في شىء .. تماما مثلما تقوم به عكس التيار العربي الذي هو في داخل اسرائيل .. فكلهم عملاء للعرب في نظرك .. ولكنك نسيت ان تسأل نفسك .. اي جهة تتبع انت ؟ هل هي الجهة ( العقلانية) ام العقلية التي تخاف من خيالها أم مدرسة المحافظين بطريقة مهذبة جديده ..
يا اخي نبيل : اذا كان لديك كلمة طيبة للذين يموتون فقلها .. وان لم يكن لديك فلتصمت .. فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : رحم الله عبدا قال فغنم .. او سكت فسلم ..